اللسان الأعمى

--------------------------------------------------------------------------------

اللسان الأعمى



لسانه أعمى ، لا يفرق بين الطيب والخبيث . كل الوجوه عنده سود . لأنه يعيش في ظلام قلبه . يرمي الناس بالطين ليبقى وحده النظيف . يدوس عليهم ليرتفع . يلطخهم بما في داخله من حقد وضغينة ليغطي بياضهم بسواد نفسه !!
يضر كل الناس ليخدم شخصه . ويتهمهم في سمعتهم ليصبح وحده حسن السمعة . إذا ذكرت أي اسم أمامه تحول لسانه إلى خنجر يطعنه وإلى ضبع ينهشه .
لا يتركه حتى يمزقه ، ويشوهه ، ويصفه بأحط الصفات والأوصاف .
الذي لا يعرفه رجل سيء والذي يعرفه رجل أسوأ . كل إنسان هو نصاب أو لص أو مجرم أو تاجر رقيق أو مهرب مخدرات ! كل امرأة فاسدة أو عاهرة أو تاجرة أعراض .. كل فقير غبي ، وكل غني قاطع طريق ..

ما من مرة أخطأ ومدح إنسان ! فهو يحتفظ في داخله بكميات من الحقد . يشوه بها الناس ، يلوث شرفاءهم ويلطخ كرمائهم ، ويهين أعزاءهم ، وإذا سمعك تمدح شخصاً أحس كأنك تشتمه هو .. فهو لا يطيق كلمة خير في إنسان . و لا يتحمل ثناء على زميل أو مديح في صديق !!
ويحدث أن تثبت الأيام أن شخصاً ما سيء ، ويجيء إليك فرحاً مزهواً ، ويقول لك : ألم أقل لك أن فلان سيء فلم تصدقني !؟
وأقول : كان رأيك سيئاً في جميع الناس ، فإذا حدث وأساء واحد من مليون منهم ، فليس معنى ذلك أن كل المليون من الأشرار !! ولكنه لم يقتنع ، ويدعي أن أحداً لم يخدعه طول حياته لأنه لم يحسن الظن بإنسان ، ولم يثق بصديق ، ولم يطمئن إلى زميل ..
وكنت أقول له أن لسانه الأعمى هو سبب تعاسته في الحياة !! إنه لكثرة ما لطخ الناس بالسواد يشعر كأنه يعيش في ليل لا آخر له . لأن كل ما حوله أسود حالك السواد ... الأمكنة والأشخاص والأعمال !! وهو يدعي أنه سعيد بكراهيته للناس ...


وقد عاقبه الله على ظلمه للناس فجعله كطائر الشؤم ! ما وضع يده في عمل إلا وأفلس . وما عمل في تجارة إلا وبارت ، وما مشى في طريق إلا وجده مسدوداً !!!